الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

الهجرة إلى أوروبا-2: كيف ينتقل السوريون من اليونان إلى مقدونيا؟


بعد اجتياز السوريين الراغبين بالهجرة إلى أوروبا عقبة القارب المطاطي "البلم" الذي يقلهم من تركيا إلى إحدى الجزر اليونانية، تبدأ المرحلة الثانية من هذه المغامرة، والتي تدور أحداثها في (اليونان) التي باتت تغص بآلاف السوريين الذين يبحثون عن طريق للوصول إلى ألمانيا أو السويد أو إحدى دول اللجوء الأوروبية.


الحصول على "الخارطية"!تتواجد في (اليونان) العديد من الجزر القريبة من تركيا والتي يتوجه إليها السوريين، حيث روى لنا (قتيبة) تفاصيل رحلته قائلا: 
" أنزلنا المهرب الذي يقود البلم إلى جزيرة (ميتيليني) اليونانية في منطقة تعتبر مقطوعة نسبيا، حيث بقينا نمشي مدة 3 ساعات في الجزيرة حتى تمكنا من الوصول إلى مخفر الشرطة، وهناك قمنا بتسليم أنفسنا لهم، وتم أخذنا إلى كامب يتواجد به مئات الأشخاص من مختلف الجنسيات، إلا أن هذا (الكامب) كان في حالة يرثى لها من حيث النظافة والوجبات المقدمة لنا، وبقينا هناك مدة 5 أيام".
وتابع قتيبة: " في اليوم السادس ذهبنا إلى مخفر الشرطة، وتم تبصيمنا على عدد من الأوراق، ثم قام المخفر بإعطائنا خارطية وهي عبارة عن ورقة طرد تسمح لنا البقاء في اليونان مدة 6 أشهر، وخلال هذه المدة يعتبر وجودنا قانونيا، بعدها قمت بقطع تذكرة على متن سفينة من الجزيرة المتواجد فيها إلى أثينا مقابل 46 يورو ".
وأكد عدد من السوريين المتواجدين على جزيرة (كوس) اليونانية، أن عشرات الأشخاص ينتظرون يوميا دورهم أمام مخفر الجزيرة للحصول على (الخارطية9، ولكن نتيجة الازدحام الكبير بات توزيع الخارطيات يتأخر لمدة تصل أحيانا إلى 10 أيام وأكثر.
واعتبر عبد الرحمن المتواجد في اليونان: " أن مدة الانتظار الطويلة أمام مخافر الجزر والجو الحار، دفع العديد من السوريين للاستغناء عن الخارطية، ومحاولة قطع تذكرة دون إبرازها، وهذا يتوقف على الموظف، فهناك موظفون لا يقبلون إعطاء اي تذكرة دون امتلاك الشخص لـ (الخارطية)".

اجتياز حدود مقدونيا لم يعد يحتاج لمهرب! تفاصيل الرحلة تبدو مثيرة رغم ما يكتنفها من تشرد وعذاب... ولعل أطرف ما فيها هو أن السلطات تحاول أن تحد من عمل المهربين، بمنح موافقات جزئية ما، مع عدم قدرتها إلى إغلاق باب الهجرة غير الشرعية نهائياً.. وفي هذا يتابع (قتيبة) قائلا: " استغرقت الرحلة بالسفينة من جزيرة (ميتيليني) إلى أثينا حوالي 11 ساعة وكانت متعبة، على اعتبار أن طاقم السفينة رفض منحي تذكرة جلوس في أحد المقاعد وبقيت جالسا على الأرضية طوال فترة الرحلة، وبعد وصولي إلى أثينا، قمت بالحجز في أحد الفنادق في غرفة مشتركة تضم 3 أشخاص مقابل 10 يورو لليوم الواحد، وفي اليوم التالي حاولت التواصل مع عدد من المهربين، لكن الجميع أخبرنا أن اجتياز منطقة مقدونيا لم يعد بحاجة إلى مهرب على اعتبار أن مقدونيا باتت تمنح السوريين خارطيات أيضا".

وأضاف: " بعدها حجزت تذكرة قطار من أثينا إلى منطقة سالونيكي حيث تكون سعر التذكرة ليلا 25 يورو ونهارا 50 يورو، وبعد وصولي مباشرة ذهبت بالباص إلى منطقة أفزوني والتي تبعد مسافة ساعة ونصف عن الحدود المقدونية".

تفادي بصمة (هنغاريا)!يتجه عدد من السوريين إلى السفر عبر البحر من اليونان إلى إيطاليا بدلا من تحمل مشقة السفر برا وذلك لتفادي بصمة (هنغاريا) أو (المجر) التي تعتبر الأسوأ تعاملا والأشد قسوة في أوروبا، وحيث سجلت عدة انتهاكات بحق اللاجئين بمساعدة المترجم العراقي المتواطؤ بعنف مع الأمن الهنغاري.
وقد حاولنا معرفة تفاصيل الرحلة في هذا المقطع، فقمنا بالتحدث عبر الهاتف مع أحد المهربين من أصول سودانية، والمتواجد في مدينة (أثينا) حول طريقة السفر إلى إيطاليا بحرا، وأشار أن تكلفة الرحلة تتراوح بين 3 إلى 4 آلاف يورو، وذلك عبر أحد بواخر نقل البضائع رافضا الكشف عن المنطقة التي تنتطلق منها هذه السفن، مؤكدا أن الرحلة آمنة، حيث طلب مني القدوم إلى (أثينا) للاتفاق معه، وإذا توصلنا لاتفاق سيتم إخباري بموعد السفر لاحقا، وذلك بأخذي عبر السيارة إلى نقطة الانطلاق والتي تبعد حوالي 6 ساعات عن اثينا.

السفر جوا يشكل عائقا أمام المحجباتيوجد في اليونان أكثر من 15 مطارا وذلك لكثرة الجزر السياحية المتوجدة فيها، لكن أغلب هذه المطارات تعمل فقط في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء تعمل 4 مطارات فقط بينها أثينا، وتحدتث رنا عن رحلتها عبر الطيران والصعوبات التي صادفتها، حيث قالت: " لم أستطع المغامرة والذهاب إلى السويد برا أو عن طريق البحر، لذلك لم يكن أمامي خيار سوى التفكير بالسفر جوا، وبعد عدة أيام على وصولي إلى أثينا اجتمعت مع أحد المهربين للاتفاق على الرحلة، ولكن صادفتني مشكلة أنني محجبة وهذا يعد عائقا كبيرا لأن المهرب يعمل على تأمين هوية يونانية أو أوروبية مزورة لإحدى الفيتات التي تشبهني، وهو ما دفعني للتخلي عن فكرة السفر جوا".
وأكد العديد من السوريين المتواجدين في اليونان أن السفر جوا أصبح أمرا صعبا للغاية، لأن الموظفين المتواجدين في المطارات وخاصة مطار أثينا باتوا يددقون بشكل كبير على جميع الركاب، وذلك باختبار لغتهم، فعلي سبيل المثال إذا كان الشخص يحمل هوية ألمانية مزورة تقوم المضيفات بالتحدث إليه باللغة الألمانية.
ويعتبر التدقيق في مطارات الجزر أقل شدة من مطار أثينا وذلك للأعداد الكبيرة من السياح التي تسافر من المطار يوميا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق