الجمعة، 10 أبريل 2015

حق لم الشمل فرنسا regroupement familial



موضوع حق «لم الشمل” أو “التجمع العائلي” في فرنسا, موضوع كنا قد تعرضنا له سابقا من جوانب عديدة, ونرى من المفيد العودة إليه هنا نزولا على رغبة العديد ممن يراسلنا بهذا الصدد, ليس للحديث عن تاريخه وجوانبه الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية.. , وإنما للوقوف على التنظيم القانوني له, وبالتحديد حسب “قانون دخول وإقامة الأجانب وحق اللجوء.  Code de l’entrée et du séjour des étrangers et du droit d’asile ” . منشورات الجريدة الرسمية لعام 2009.
إضافة للتوضيح بالعرض القانوني, يجد القراء, أو المعنيون, ما يمكن أن يكون ردا غير مباشر على ادعاءات البعض ـــ من أصحاب الرؤوس الحامية جدا في الهجوم على الاستعمار والعنصرية في الغرب وكل ما يصدر عنه, حتى ولو كانت حقوقا للمهاجرين, والباردة جدا إلى درجة التجمد فيما يخص قضايا المواطنين والمغتربين في بلدانهم عينها ـــ في كتابات تفتقد كليا للموضوعية, فتضلل الكثيرين بتقديم معلومات مستندة إما على التفسير الخاطئ, أو الإساءة المقصودة المنطلقة من خلفيات إيديولوجية أو سياسية, أومن رغبات شخصية في الكتابة, مهما كان نوعها, وفي النشر أينما كان موقعه, لشهرة, أو بعض شهرة ولو مزيفة, متناسين أن المتضرر الوحيد من كل هذا هو الإنسان المهاجر, الذي لم يجد له حياة آمنة, وكرامة مصونة في بلده, فراح, طوعا أو إكراها, يبحث عنهما في بلدان الآخرين. ومع ذلك لا يجادل احد في أن الكتابة حق للجميع , ولكن التجني والإساءة والغوغائية ليست من أصول الكتابة المسؤولة.
خصص الفصل الرابع من قانون دخول وإقامة الأجانب وحق اللجوء, عنوانه الأول للم الشمل. فأعلنت المادة L.411-1 أن : الأجنبي المقيم بصفة نظامية في فرنسا منذ 18 شهرا على الأقل, ويحمل بطاقة إقامة, صالحة لمدة لا تقل عن العام , بمقتضى القانون الداخلي, أو بمقتضى الاتفاقات الدولية, يمكنه طلب الاستفادة من حق لم الشمل بالتحاق زوجته به (أو زوجها بها) إذا كان هذا الأخير, أو الأخيرة, يبلغ أو  تبلغ من العمر18 عاما على الأقل, وكذلك للقاصرين من أبنائهما الذين لم يتجاوزوا سن 18 عاما.
وتنص المادة  L. 411-3 على انه يمكن منح حق لم الشمل لأبن احد الزوجين البالغ 18 عاما, المستفيد من حق الحضانة والرعاية, بمقتضى حكم قضائي صادر عن محكمة أجنبية. ويجب إثبات ذلك بصورة عن هذا الحكم, وكذلك تصريح الزوج الأخر بالسماح للابن المعني بالسفر للعيش في فرنسا.
تشترط المادة  L. 411-4 بالابن الذي يمكنه الاستفادة من حق لم الشمل توافر أحكام المادة L. 314-11 ( حسب هذه المادة يمنح المستفيد بطاقة مقيم  carte de résident بحكم القانون , إلا إذا كان هذا الأخير يشكل تهديدا للنظام العام ..). ونصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أن يشمل طلب لم الشمل كل أفراد الأسرة المعينين بالمادة L. 411-1  , إلى انه من الممكن قبول طلب لم الشمل (الجزئي), أي غير الشامل لكل أفراد الأسرة, إذا ما كان ذلك في مصلحة الأبناء المعنيين.
لا يمكن رفض طلب لم الشمل إلا لأسباب حددتها المادة L. 411-5 :
1ـ حالة عدم توفر مصدر مالي ثابت وكاف عند طالب لم الشمل يمكنه من توفير الاحتياجات المادية لعائلته, تؤخذ في الحساب كل مصادر المعني وزوجته, ولكن مبالغ المساعدات العائلية, وكل المساعدات الأخرى المنصوص عليها في المادة  L . 262-1 من قانون العمل الاجتماعي والعائلي إلى المادة L. 815-1 من قانون الضمان الاجتماعي, والمواد  L.351-9, L.351-10, L.351-10-1,   من قانون العمل. على أن يصل الدخل إلى مبلغ يتلاءم مع احتياجات الأسرة حسب عدد مكوناتها. وقد حدد قرار لمجلس الدولة في المادة L. 441-1 المبلغ بجعله مساو, على الأقل ,للحد الأدنى للأجور الشهرية.
 هذه الأحكام لا تطبق على طالب لم الشمل, البالغ, الذي يستفيد من مساعدات تعود للإعاقة حسب أحكام المادة L.821-1 من قانون الضمان الاجتماعي. أو المساعدة المكملة المنصوص عليها في المادة L. 815-24 من القانون المذكور.
2ـ حالة عدم توفر مسكن يمكن اعتباره عادي بمعايير المنطقة التي يسكن آو سيسكن بها طالب لم الشمل عند تقديم الطلب, أو في التاريخ المحدد لوصول أسرته إلى فرنسا.
3ـ حالة عدم توافق طالب لم الشمل مع المبادئ الأساسية لقوانين الجمهورية, واحترام أسس الحياة العائلية في المجتمع الفرنسي.
و يمكن أن يستثنى من لم الشمل, حسب المادة 411-6 :
1ـ عضو من العائلة يعتبر قدومه إلى فرنسا تهديدا للنظام العام.
2ـ عضو من العائلة مصاب بمرض مسجل في اللائحة الدولية للأمراض.
تنص المادة L.411-7  على انه في حالة كون الزوج طالب لم الشمل, متعدد الزوجات, ومقيم في فرنسا مع زوجته الأولى, فانه لا يستطيع استقدام الزوجة الثانية , إلا إذا كانت الزوجة المقيمة معه قد توفيت, أو جردت من حقوقها العائلية, ولا يُعترف لأبنائه (من الزوجة الأخرى)  بحق لم الشمل.
يُرفض طلب بطاقة الإقامة للزوجة الأخرى. وتسحب بطاقتها إذا كانت قد تحصلت عليها. كما تسحب بطاقة إقامة الزوج متعدد الزوجات الذي استقدم زوجته الأخرى أو أولاده الآخرين للعيش معه في فرنسا.
تبين المادة 411-8 أن المستفيد الأجنبي من لم الشامل البالغ من العمر 16 عاما على الأقل إلى 65 على الأكثر, وحتى يتمكن من الاندماج في المجتمع الفرنسي, حسب القيم الجمهورية, يخضع في بلد إقامته الأصل,  لتقييم مستواه في اللغة. فإذا تبين من هذا التقييم الحاجة لرفع مستواه اللغوي, تنظم السلطات الإدارية له في بلده  دورة تدريبية لا تزيد مدتها على الشهرين, يجري خلالها إعادة التقييم و يمنح بعدها المعني شهادة تثبت متابعته للدورة المذكورة.
العنوان الثاني. تكوين الطلب. فصل وحيد.
تنص المادة L. 421-1 على أن السماح بدخول فرنسا, تحت عنوان لم الشمل, تمنحه السلطات الإدارية المختصة بعد تأكد  رئيس البلدية في منطقة  مقدم الطلب, أو المنطقة التي يزمع السكن فيها, من توافر شروط السكن, وشروط الدخل المالي . فيصدر هذا الأخير رأيه, عملا بالأحكام المنصوص عليها في المادة L.411-5  فقرة 3 , في مدة لا تتجاوز الشهرين من تاريخ تحويل الملف إليه من قبل السلطة الإدارية.
وتنص المادة L.421-3 بان على رئيس البلدية, بعد انجاز تحقيقاته, أن يصدر رأيا معللا, في فترة الشهرين المحددين في المادة أعلاه, يحول بعدها الملف إلى المكتب الوطني المختص باستقبال الأجانب والمهاجرين, ولهذا الأخير صلاحية الطلب إلى موظفيه التدقيق, في عين المكان, بالشروط التي حددتها المادة  L.421-2 .
على السلطات الإدارية أن تقرر بشأن الطلب في مدة 6 شهور من تاريخ تقديمه من قبل طالب لم الشمل. و تبليغ رئيس البلدية بذلك. (المادة L.421-4 ). وتنص الفقرة الثانية من هذه المادة على أن الموافقة على الطلب تصبح لاغيه إذا لم يدخل المستفيدون منها إلى فرنسا ضمن الوقت المحدد والمعلن عنه.
العنوان الثالث : إصدار بطاقات الإقامة.
فصل وحيد.
تصدر السلطات المختصة, بحكم القانون, لأفراد الأسرة التي دخلت فرنسا قانونيا تحت عنوان لم الشمل, بطاقات أقامة مؤقتة. تمنح هذه البطاقات لحامليها منذ لحظة صدورها حق ممارسة كل الأعمال والمهن التي يختارونها ضمن إطار أحكام القانون المرعية. (المادة  431-1 ).
في حالة انتهاء الحياة المشتركة بين الزوجين (عدا حالة الوفاة) يمكن عندها, خلال فترة الإقامة في السنوات الثلاث الأولى, سحب بطاقة الإقامة من الزوج الذي دخل بصفة لم الشمل, أو عدم تجديدها له.
في حالة انتهاء الحياة الزوجية قبل تقديم طلب لم الشمل ترفض السلطات الإدارية الموافقة على هذا الطلب.  
عندما يكون انتهاء الحياة الزوجية بسبب العنف العائلي الواقع على الزوج الداخل لفرنسا تحت عنوان لم الشمل, ليس للسلطات الإدارية سحب بطاقة إقامته, وتقوم بتجديدها له. في حالة وقوع العنف على الزوج الداخل تحت عنوان لم الشمل وقبل منح بطاقة الإقامة المؤقتة للمرة الأولى فان لهذا الأخير الحق, ما لم يعتبر وجوده يهدد النظام العام, في بطاقة إقامة مؤقتة تحت عنوان ” حياة خاصة وعائلية Vie privée et familiale  (المادة  431-2 ).
وبمقتضى أحكام المادة    341-3فان بطاقة إقامة الأجنبي الذي لا يدخل في إطار الفئات المنصوص عليها في الموادL. 521-2, L. 521-3, L.521-4 يمكن أن تكون موضوع سحب, عندما يكون حاملها قد ادخل زوجه أو أبناءه بغير إجراءات لم الشمل. لا يتخذ قرار السحب إلا بعد موافقة لجنة الاقامات المنصوص عليها في المادة  L.312-1 .
لعل قانون دخول وإقامة الأجانب وحق اللجوء هذا من أكثر القوانين الموضوعة تحت الرقابة لمضمونه وشكلياته, الإجراءات المتبعة في تطبيقه, خاصة  وان الإدارة كثيرا ما تحاول فرض تفسيراتها, والتعسف في تقديراتها. ومن هنا يتزايد الدور الكبير للجمعيات المدنية المهتمة بأوضاع الأجانب ومشاكل دخولهم وإقامتهم, الأمر الذي يشكل هاجسا للإدارة يجعلها تدرس بعناية القرارات التي ستتخذها, لما يمكن أن يترتب عليها من نتائج. ولا شك أن في وصول هذه المشاكل, أو الخوف من وصولها, للمحاكم الداخلية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان, يزيد في الضغط على الإدارة ويقلص من الهامش الذي تدعيه لنفسها فيما تدعوه السلطة التقديرية, ويحد من حالات تجاوزها.
لا يمكن اعتبار هذه القوانين مثالية, وعادلة, ودون ثغرات, فهي متغيرة, في جانبيها التشريعي والإجرائي, حسب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتعلقة بسياسة الهجرة وتنظيمها. ولكن, فيما يتعلق بلم الشمل, لا يمكنها عدم اخذ الجانب الإنساني الملح بعين الاعتبار عند الصياغة والتطبيق.
عود على بدئ . نتمنى على كتابنا في الوطن المدافعين عن مواطنيهم في المهاجر, بعد أن هاجروا وليس قبل ذلك, ( في الهجوم على ما يسمونه مرة العنصرية, ومرة كراهية العرب والمسلمين,  وأخرى, كما ادعى احد غلاة الغوغائيين المفتوحة لهم المنابر الإعلامية للصراخ الدائم على الحقيقة وليس من أجلها, بان المواطنة في الغرب “كذبة كبيرة”. إضافة للتحريض على الفوضى وعدم احترام القوانين والأعراف الاجتماعية في البلدان المستقبلة للمهاجرين. مع أن هذه القوانين موضوعة لكل الأجانب بتنوع أجناسهم وأديانهم وألوانهم, وليس فقط للعرب والمسلمين, إضرار كبير بالمهاجرين والمدافعين الحقيقيين عن قضاياهم ) نتمنى عليهم أن يقدموا مطالبات محددة فيما يمكن أن يعتبرونه عيوبا في هذه القوانين, ونقدا حقيقيا ومفيدا ــ قادم من الديمقراطيات الشرقية ــ يمكن أن يفيد المهاجرين والأجانب في دول الديمقراطيات الغربية ويغني ترسانتها القانونية. وان يوصلوا, في الوقت نفسه, ما يمكن أن يُعتبر ايجابيا في القوانين المذكورة ــ ولا بد أن يجدوا بعضه إن أمعنوا الفكر ــ لدولنا العربية والإسلامية المتواجد فيها إعداد كبيرة من الأجانب من أبناء العرق الواحد, والدين الواحد, واللغة الواحدة, علّ فكرة التنظيم القانوني تدخل لحماية هؤلاء من كل تعسف وظلم, خاصة وانه آت من ذوي القربى ,المزيفة, والمتآكلة.
وأخيرا, وفي الأحوال المعيبة السائدة في المنطقة العربية, هل من الممكن المطالبة بقوانين تنظم وتحمي دخول وإقامة الأجانب في دولنا؟. وإذا كانت القوانين في هذه الدول لا تحمي مواطنيها أنفسهم, ولا تعترف لهم بحق المواطنية, فهل من عجب أن تحلم غالبيتهم بالهجرة, ولم شمل آمن, ولو خلف البحار والمحيطات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق