الخميس، 19 يناير 2017

قصتي مع الهجرة الغير الشرعية من تركيا إلى أوروبا : الجزء 2



رحلتي الأولى نحو جزيرة كيوس اليونانية باءت بالفشل جراء الكثير من الأحداث التي قامت طبعا بإحباطي نوعا ما . 
عدت بعد إطلاق صراحنا إلى إزمير مع صديق مغربي و زميل جزائري و كان الوقت متأخرا جدا لا أذكر الوقت تماما لأنني كنت مشتة الذهن و منهكا جدا و كنت أفكر في وجبة للسحور بحكم أننا في رمضان و الصيام في تركيا ليس سهلا لطول عدد ساعات الصيام و الحرارة المرتفعة جدا التي بلغت يوما 48 درجة .
خلدت ليلتها لنوم عميق و إسيقظت على حرارة شديدة و عرق شديد نعم إنها إزمير و حرارتها في عز فصل الصيف بعد الإستيقاظ مرغما أخذت حماما أشعرني بالراحة قليلا لأنه يجب علي الخروج إلى الشارع و هناك تجد من لا يصوم بكثرة أناس يقولون حين سؤالهم عن دينهم يقولون أنهم مسلمين و الحمد لله و لكنني لا أصوم مختلفو الجنسيات و أكثرهم من الشرق الأوسط مع إحترامي الشديد لأهل الشرق و قلة من المغاربة . 
مرت عدة أيام من الإنتظار حتى جاء الإتصال يقول أن الليلة ستكون هناك رحلة . 
كنت جاهزا و أنتظر تلك اللحظة بلهفة إلى أن جاء شخص و قال أن الرحلة ألغيت لأن الأمن التركي أغلق كل المنافذ لوجود شخص مبحوث عنه فار من العدالة ،خشية فراره إلى الأراضي اليونانية و بعد عدة أيام أخرى جاءت الرحلة الثالثة الأكثر إثارة ، جاءني صديق مغربي و قال لي أن حالة البحر لا تسمح لنا بالخروج بهاذا العدد الكبير من الناس كنّا 57 شخصا و كل شخص تقريبا لديه حقيبة ظهر بها ملتزماته و قال أيضا أرفضو فكرة الخروج هذه الليلة رددت عليه كما تشاء فأنت السائق قال تعالى نلقي نظرة على البحر و كأنه لدي علم بذلك فذهبنا إلى الشاطئ عبر الغابة و بعد مسيرة حوالي أربعين دقيقة وصلنا إليه و كان يبدو لي هادئا نوعا ما فقلت يبدو جيدا فكان رده هنا لا مشكلة لكن حين بلوغنا للمياه الإقليمية سيكون أكثر إرتفاعا مع الحمولة الزائدة ستكون مشكلة و بعد نظرات لبعضنا ممزوجة بالخوف و قررت الأغلبية المغامرة و الخروج بالرحلة .
سرنا في البحر رويدا رويدا و كان يبدو عليه الهدوء نوعا ما و هو ما منحنا بعض السكينة التي ما كانت لتدوم أكثر من نصف ساعة حتى فاجأتنا موجة من اليمين كادت أن تودي بِنَا إلى الماء و لكن لم أفكر كثيرا و حمدت الله على السلامة بحكم أنني لا أجيد السباحة و لو قليلا لو وقعت بالماء لهويت مثل الحجر إلى القاع . 
هنا قال لي صديقي المغربي لا يمكنني المواصلة سيكون هناك خطر أكبر لو تعمقنا أكثر داخل البحر فكان رفض العودة رأي الأغلبية أنا كنت على رأي صديقي فهو كان أعرفنا بالبحر و يخفيه و على الرغم من ذلك أكملنا المسير حوالي عشرة دقائق أخرى حتى أرانا البحر ما لا يصر بأمواج كانت كفيلة بقلب المركب في أي لحظة هنا صاح السائق ألم أقل أننا كلما تعمقنا داخله كان أخطر فما كان لدينا إلا خيار العودة و تحمله الصديق المغربي على ظهره قال أنا أتحمل عبأ العودة هنا و لا أتحمل روح أحد منكم و بيننا أطفال صغار و إلتف القارب على اليمين عائدا إلى نقطة الإنطلاق بالشاطئ وصلنا إليه بدأ الفجر بالبزوغ . قمنا بتفكيك القارب بإجلاء الهواء منه و نزع المحرك و خبأناهم في الغابة هنا بدأت المشاكل مع بعض الأكراد لأنهم لم يكونو يريدون عودتنا قائلين البحر جيد جدا نحن لا نريدكم أن تموتو نريدكم أن وترحلو فقط قائلا سنعيد الكرة الآن و تقومون العودة عندها كانت فكرة رفض العودة رأي الجميع و تعرض الصديق المغربي للمسائلة من طرف ( الخال ) كما يلقِبُ الأتراك رجال المافيا تحدثا مطولا بالكردية بكون المغربي يتكلم التركية و الكردية بطلاقة . 
ومرت العودة بسلام وبعد يومين جاء موعد الرحلة الأخيرة التي كانت شاقة نوعا ما بعد تكرار نفس السيناريو السابق فالتحضير للرحلة و ركبنا البحر ذلك اليوم و كان هادئا ً جدا إلى درجة الصفر إنطلقنا على بركة الله و الظّلام الدامس يسود البحر ، بعد مسيرة حوالي الخمسين دقيقة كان الصبح قد بدأ يتجلا هناك في الأفق و ظهر ما لم يكن بالحسبان ، نعم إنهم خفر السواحل التركية لكن كانت المسافة بعيدة نوعا ما بالنسبة إلينا لأننا كنّا على مقربة من المياه الإقليمية لكن قوة محركاتها حطمت آمالنا إذ أنه و بعد حوالي الدقيقتين كانت خلفنا تقريبا لكنها خففت من سرعتها و بدأت تراقبنا عن كثب حينها عرفت أننا في المياه اليونانية و بدأت تتراجع رويدا رويدا حتى إختفت عن الأنظار و ظهرت باخرتان لحلف النيتو واحدة عسكرية و مسلحة بالكامل للجيش اليوناني و الأخرى رومانية و عليها أعلام الإتحاد الأوربي طالبونا بالوقوف و الصعود إلى ظهر السفينة و لكننا رفضنا الأمر جملة و تفصيلا لأنه بمجرد صعودك ستجد نفسك في تركيا مرة أخرى هذا إن لم تجد نفسك في سجن الأوراق ( اليابانجي ) التركي أو بلدك و وصلنا بفضل الله إلى الشاطئ و الحمد لله و هناك كان صوت سبعة و خمسون شخصا و ثلاثة أطفال يدوي المكان بعد صمت دام أكثر من الساعتين و النصف نعم إنه الشاطئ الذي جعل الأصوات ترتفع هنا وقفت لحظة من الزمن أتأمل البحر و أفكر عما سأفعله الآن و قد وطأت قدماي جزيرة خيوس أو كيوس chois اليونانية واحدة من أروع الجزر في بلاد الإغريق جزيرة سياحية بأتم معنى الكلمة رائعة الجمال خلابة المناظر الجو اللطيف صباحا و الحار وقت الظهيرة و البارد ليلا .
منظر أسرني بتلك الجزيرة هو منظر المطر في البحر ، أمطار غزيرة في البحر و لا وجود لها باليابسة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق